فصل: ولاية مسلمة بن مخلد على مصر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


 ولاية مسلمة بن مخلد على مصر

هو مسلمة بن مخلد بن صامت بن نيار بن لوذان بن عبدود بن زيد بن ثعلبة ابن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج بن حارثة أبو معن وقيل أبو سعيد الصحابي الأنصاري ومسلمة بفتح الميم وسكون السين المهملة ومخلد بضم الميم وتشديد اللام‏.‏

ولاه معاوية بن أبي سفيان مصر بعد عزل عقبة بن عامر الجهني في سنة سبع وأربعين حسبما تقدم ذكره في أخر ترجمة عقبة وجمع له معاوية الصلاة والخراج وبلاد المغرب‏.‏

فلما ولي مسلمة مصر انتظمت غزواته في البر والبحر‏:‏ منها غزوة القسطنطينية الآتي ذكرها ولم يحضرها غير أنه حسن لمعاوية غزوها‏.‏

وفي أيام ولايته على مصر نزلت الروم البرلس في سنة ثلاث وخمسين فاستشهد في الوقعة وردان مولى عمرو بن العاص في جمع من المسلمين‏.‏

وفي إمرته لمصر أيضًا هدم ما كان عمرو بن العاص بناه في سنة ثلاث وخمسين من المسجد بمصر وبناه هو وأمر ببناء منار المسجد وهو أول من أحدث المنار بالمساجد والجوامع‏.‏

وخرج مسلمة إلى الإسكندرية في سنة ستين واستخلف على مصر عابس بن سعيد فجاءه الخبر بموت معاوية بن أبي سفيان في شهر رجب منها واستخلاف يزيد بن معاوية بعد أبيه وكتب إليه يزيد بن معاوية وأقره على عمل مصر وكتب إليه أيضًا بأخذ البيعة له فندب مسلمة عابسًا وكتب إليه من الإسكندرية بذلك فطلب عابس أهل مصر وبايع ليزيد فبايعه الجند والناس إلا عبد الله بن عمرو بن العاص فدعا عابس بالنار ليحرق عليه بابه فحينئذ بايع عبد الله بن عمرو ليزيد على كره منه‏.‏

ثم قدم مسلمة من الإسكندرية فجمع لعابس مع الشرطة القضاء في أول سنة إحدى وستين‏.‏

وقال الذهبي‏:‏ مسلمة بن مخلد الأنصاري له صحبة ورواية وحدث عنه شيبان بن أمية وعلي بن رباح ومجاهد وعبد الرحمن بن شماسة وغيرهم قال‏:‏ ولدت حين قدم النبي ‏"‏ ص ‏"‏ المدينة وقد ولي ديار مصر لمعاوية‏.‏

انتهى كلام الذهبي‏.‏

وقال ابن عبد الحكم‏:‏ مسلمة بن مخلد الأنصاري لهم عنه حديث واحد ليس لهم عنه غيره وهو حديث موسى بن علي عن أبيه أنه سمعه يقول وهو على المنبر‏:‏ توفي رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ وأنا ابن عشر سنين‏.‏

لم يرو عنه غير أهل مصر وأهل البصرة لهم عنه حديث واحد وهو حديث أبي هلال الراسبي قال‏:‏ حدثنا جبلة ابن عطية عن مسلمة بن مخلد أنه رأى معاوية يأكل فقال لعمرو بن العاص‏:‏ إن ابن عمك لمخضد ثم قال‏:‏ أما إني أقول هذا وقد سمعت رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ يقول‏:‏ ‏"‏ اللهم علمه الكتاب ومكن له في البلاد ووقه العذاب ‏"‏‏.‏

وربما أدخل بعض المحدثين بين جبلة بن عطية وبين مسلمة رجلًا‏.‏

وقد ولي مسلمة بن مخلد مصر وهو أول من جمع له مصر والمغرب وتوفي سنة اثنتين وستين وكان يكنى أبا سعيد‏.‏

انتهى كلام ابن عبد الحكم‏.‏

وكان - مسلمة كثير العبادة‏.‏

قلت‏:‏ وأما غزوة القسطنطينية التي وعدنا بذكرها فإنها كانت في سنة تسع وأربعين وكان مسلمة هذا حرض معاوية عليها فأرسل إليها معاوية جيشًا كثيفًا وأمر عليهم سفيان بن عوف وأمر ابنه يزيد بالغزاة معهم فتثاقل يزيد واعتذر فأمسك عنه أبوه فأصاب الناس في غزاتهم ما إن أبالي بما لاقت جموعهم بالغذقذونة من حمى ومن موم إذا اتكأت على الأنماط مرتفقًا بدير مران عندي أم كلثوم - وأم كلثوم امرأته وهي ابنة عبد الله بن عامر - فبلغ معاوية شعره فأقسم عليه ليلحقن بسفيان بأرض الروم ليصيبه ما أصاب الناس فسار ومعه جمع كبير‏.‏

وكان في هذا الجيش ابن عباس وابن عمر وابن عمرو وابن الزبير وأبو أيوب الأنصاري وغيرهم فأوغلوا في بلاد الروم حتى بلغوا القسطنطينية فاقتتل المسلمون والروم واشتد الحرب بينهم فلم يزل عبد العزيز يتعرض للشهادة فلم يقتل‏.‏

ثم حمل بعد ذلك عليهم وانغمس بينهم فشجره الروم برماحهم حتى قتلوه‏.‏

فبلغ معاوية قتله فقال لأبيه‏:‏ هلك والله فتى العرب‏!‏ فقال أبوه لمعاوية‏:‏ ابني أم ابنك فقال‏:‏ ابنك فآجرك الله فقال‏:‏ المتقارب فإن يكن الموت أوى به وأصبح مخ الكلابي زيرا فكل فتى شارب كأسه فإما صغيرًا وإما كبيرا قال مجاهد‏:‏ صليت خلف مسلمة بن مخلد فقرأ سورة البقرة فما ترك ألفًا ولا واوًا‏.‏

وقال ابن سعد في كتاب الطبقات الكبرى من تصنيفه‏:‏ حدثنا معن بن عيسى حدثنا موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن مسلمة بن مخلد قال‏:‏ أسلمت وأنا ابن أربع سنين وقال محمد بن عمرو‏:‏ يروي مسلمة بن مخلد عن رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏‏.‏

ثم قال‏:‏ وتحول إلى مصر ونزلها وكان مع أهل خربتا وكانوا أشذ أهل المغرب وأعده وكان له بها ذكر ونباهة ثم صار إلى المدينة فمات بها في خلافة معاوية‏.‏

قلت‏:‏ وهذا القول يخالف فيه الجمهور‏.‏

والذي قاله المؤرخون‏:‏ إنه استمر على عمله حتى توفي لخمس بقين من شهر رجب سنة اثنتين وستين‏.‏

وكانت ولايته على مصر خمس عشرة سنة وأربعة أشهر‏.‏

وتولى مصر من بعده سعيد بن يزيد‏.‏

وقال الحافظ أبو سعيد عبد الرحمن بن يونس على ما أخبرنا‏:‏ شهد مسلمة فتح مصر واختط بها وولي الجند لمعاوية بن أبي سفيان ولابنه يزيد بن معاوية وروى عنه من أهل مصر‏:‏ علي بن رباح وهشام بن أبي رقية وأبو قبيل وهلال بن عبد الرحمن ومحمد بن كعب وغيرهم توفي بالإسكندرية سنة اثنتين وستين في ذي القعدة‏.‏

حدثنا علي بن سعيد الرازي حدثنا عثمان بن أبي شيبة أخبرنا وكيع حدثنا موسى بن علي عن أبيه قال‏:‏ سمعت مسلمة بن مخلد يقول‏:‏ ولدت حين قدم النبي ‏"‏ ص ‏"‏ المدينة وتوفي وأنا ابن عشر سنين‏.‏

قال ابن يونس‏:‏ هذا الحديث غريب وقد رواه معن بن عيسى وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهما عن موسى بن علي‏.‏

انتهى كلام ابن يونس‏.‏

هذا ما وقع لنا من أخبار مسلمة بن مخلد المذكور ويأتي ذكره أيضًا في سني ولايته على مصركما هي عادتنا في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى‏.‏

السنة الأولى من ولاية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة ثمان وأربعين‏:‏ فيها كتب معاوية بن أبي سفيان الخليفة إلى زياد لما بلغه قتل عبد الله بن سوار‏:‏ أنظر لي رجلًا يصلح لثغر الهند أوجهه إليه فوجه إليه زياد سنان بن سلمة أبن المحبق الهذلي فولاه معاوية الهند‏.‏

وفيها عزل معاوية مروان بن الحكم عن إمرة المدينة بسعيد بن العاص الأموي‏.‏

وفيها قتل بالهند عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي‏.‏

وفيها توفي الحارث بن قيس الجعفي الفقيه صاحب عبد الله بن مسعود وقيل‏:‏ إنه مات في غير هذه السنة‏.‏

وفيها كان مشتى عبد الرحمن القيني بإنطاكية‏.‏

وفيها كانت صائفة عبد الله بن قيس الفزاري‏.‏

وفيها كانت غزوة مالك بن هبيرة السكوني في البحر‏.‏

وفيها استعمل زياد غالب بن فضالة الليثي على خراسان وكانت له صحبة‏.‏

وفيها حج بالناس مروان بن الحكم وهو يتوقع العزل أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ستة أذرع وعشرون إصبعًا مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعًا وإصبعان‏.‏

السنة الثانية من ولاية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة تسع وأربعين‏:‏ فيها شتى مالك بن هبيرة بأرض الروم وقيل‏:‏ ما شتى بها إلا فضالة بن عبيد الأنصاري‏.‏

وفيها حج بالناس سعيد بن العاص‏.‏

وفيها قتل زياد بالبصرة الخطيم الباهلي الخارجي‏.‏

وفيها خرج على المغيرة بن شعبة وهو والي الكوفة شبيب بن بجرة الأشجعي وهو غير شبيب الذي خرج على الحجاج بن يوسف فوجه إليه المغيرة كثير بن شهاب الحارثي فقتله بأذربيجان‏.‏

وكان شبيب ممن شهد النهروان‏.‏

وفيها كانت غزوة فضالة بن عبيد جربة وشتى بها وفتحت على يده وأصاب فيها سبايا كثيرة‏.‏

وفيها كانت صائفة عبد الله بن كرز البجلي‏.‏

وفيها كانت غزوة يزيد بن شجرة الرهاوي بالبحر فشتى بأهل الشام‏.‏

وفيها كانت غزوة عقبة بن نافع في البحر فشتى بأهل مصر‏.‏

وفيها عزل مروان عن المدينة بسعيد بن العاص في شهر ربيع الأول فكانت ولاية مروان ثماني سنين وشهرين وكان على قضاء المدينة عبد الله بن الحارث بن نوفل فعزله سعيد حين ولي واستقضى أبا سلمة بن عبد الرحمن‏.‏

وفيها توفي الحسن بن علي والأصح أنه في الآتية كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع وإصبعان مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وستة أصابع‏.‏

السنة الثالثة من ولاية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة خمسين من الهجرة‏:‏ فيها وجه زياد الربيع بن زياد الحارثي إلى خراسان فغزا بلخ وكانت قد انتقضت بعد رواح الأحنف بن قيس عنها فصالحوا الربيع هذا ورحل عنها وغزا قوهستان فافتتحها عنوة‏.‏

وفيها أراد معاوية نقل منبر النبي ‏"‏ ص ‏"‏ من المدينة وأن يحمل إلى الشام وقال‏:‏ لا يترك هو وعصا النبي ‏"‏ ص ‏"‏ بالمدينة وهم قتلة عثمان‏.‏

فطلب العصا وهي عند سعد القرظ‏.‏

وحرك المنبر فكسفت الشمس حتى رئيت النجوم باديةً فأعظم الناس ذلك فتركه‏.‏

وقيل‏:‏ بل أتاه جابر وأبو هريرة فقالا له‏:‏ يا أمير المؤمنين لا يصلح أن يخرج منبر النبي ‏"‏ ص ‏"‏ من موضع وضعه وتنقل عصاه إلى الشام فانقل المسجد فتركه معاوية وزاد فيه ست درجات واعتذر مما صنع‏.‏

وفيها افتتح معاوية بن حجيج بضم الحاء المهملة مصغرًا فتحًا كبيرًا بالمغرب وكان قد جاءه عبد الملك بن مروان في مدد أهل المدينة‏.‏

وهذه أول غزوة لعبد الملك بن مروان‏.‏

وفيها ولى معاوية زيادًا البصرة والكوفة معًا بعد موت المغيرة بن شعبة فعزل زياد الربيع عن سجستان وولاها لعبيد الله بن أبي بكرة‏.‏

وفيها غزا يزيد بن معاوية القسطنطينية وكان معه فيها وجوه الناس‏.‏

وممن كان معه أبو أيوب الأنصاري وقد ذكرناها أعني هذه الغزوة في أصل الترجمة‏.‏

وفيها توفي السيد الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكنيته أبو محمد الهاشمي القرشي السيد ابن السيد ابن السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ ولد في شعبان سنة ثلاث من الهجرة وقيل في نصف شهر رمضان منها قاله الواقدي‏.‏

وكان ريحانة النبي ‏"‏ ص ‏"‏ وشبيهًا به‏.‏

ولي الخلافة بعد موت أبيه علي بن أبي طالب في شهر رمضان سنة أربعين واجتمع عليه المسلمون وأحبوه حبًا شديدًا وألزموه حرب معاوية فسار على كرهٍ منه‏.‏

فلما كان في بعض الطريق اختلف عليه بعض أصحابه فضاق صدره‏.‏

ثم أرسل إلى معاوية يسأله الصلح ويسلم له الأمر فوقع ذلك وشق على أصحابه وكادت نفوسهم تذهب‏.‏

ودخل عليه سفيان أحد أصحابه وقال له‏:‏ السلام عليك يا مذل المؤمنين فقال الحسن‏:‏ لا تقل ذلك إني كرهت أن أقتلكم في طلب الملك‏.‏

قال الحافظ الذهبي قال أبو بكرة‏:‏ رأيت رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقول‏:‏ ‏"‏ إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين ‏"‏ أخرجه البخاري‏.‏

وعن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ قال رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏‏:‏ ‏"‏ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ‏"‏ صححه الترمذي‏.‏

قلت‏:‏ ومناقب الحسن كثيرة يضيق هذا المحل عن ذكرها‏.‏

وكانت وفاته بالمدينة في شهر ربيع الأول ودفن بالبقيع رضي الله عنه‏.‏

وفيها توفيت أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب بن شعبة من سبط لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام ثم من ولد هارون أخي موسى عليهما السلام سباها النبي ‏"‏ ص ‏"‏ يوم خيبر وجعل عتقها صداقها وتزوجها‏.‏

وماتت في هذه السنة وقيل في سنة ست وثلاثين والأول أشهر‏.‏

وفيها كانت بناية مدينة القيروان بالمغرب‏.‏

وفيها كان الطاعون العظيم بالكوفة وأميرها المغيرة بن شعبة ومات فيه بعد أن فر منه‏.‏

وهذا الطاعون رابع طاعون مشهور وقع في الإسلام فإن الأول كان بالمدائن في عهد النبي ‏"‏ ص ‏"‏ والثاني طاعون عمواس في زمان عمر رضي الله عنه والثالث بالكوفة وأميرها أبو موسى الأشعري ثم هذا الطاعون أيضًا بالكوفة‏.‏

وفيها توفي المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود أبو عيسى ويقال أبو محمد صحابي مشهور وكان من دهاة العرب يقال له‏:‏ مغيرة الرأي وكان كثير الزواج‏.‏

قال المغيرة‏:‏ تزوجت بسبعين امرأة‏.‏

وقال مالك‏:‏ كان المغيرة نكاحًا للنساء ويقول‏:‏ صاحب المرأة إن مرضت مرض وإن حاضت حاض وصاحب المرأتين بين نارين تشعلان‏.‏

وقال ابن المبارك‏:‏ كان تحت المغيرة أربع نسوة فصفهن بين يديه وقال‏:‏ أنتن حسان الأخلاق طويلات الأعناق ولكني رجل مطلاق فأنتن للطلاق‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ذراعان وستة عشر إصبعًا مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وأربعة أصابع‏.‏

السنة الرابعة من ولاية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة إحدى وخمسين من الهجرة‏:‏ فيها حج بالناس معاوية وأخذهم ببيعة ابنه يزيد‏.‏

وفيها كانت مقتلة حجر بن عدي وعمرو بن الحمق وأصحابهما‏.‏

قال ابن الأثير في تاريخه الكامل قال الحسن البصري‏:‏ أربع خصال كن في معاوية لو لم تكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة‏:‏ افتراؤه على هذه الأمة بالسيف حتى أخذ الأمر من غير مشورة وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة واستخلافه ابنه بعلي سكيرًا خميرًا يلبس الحرير ويضرب بالطنابير وادعاؤه زيادًا وقد قال رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏‏:‏ ‏"‏ الولد للفراش وللعاهر الحجر ‏"‏ وقتله حجرًا وأصحاب حجر فيا ويلاه من حجر‏!‏ ويا ويلاه من أصحاب حجر‏!‏‏!‏ وفيها توفي سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى أبو الأعور القرشي العدوي الصحابي أحد العشرة المشهود لهم بالجنة‏.‏

كان أميرًا على ريع المهاجرين وولي دمشق نيابة عن أبي عبيدة بن الجراح وشهد فتحها وشهد مع رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ المشاهد كلها بعد بدر‏.‏

وقال الواقدي‏:‏ توفي سنة إحدى وخمسين وهو ابن بضع وسبعين سنة وقبره بالمدينة ونزل في قبره سعد وابن عمر وكان رجلًا آدم طويلًا أشعر‏.‏

وفيها توفي أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار سس النخار في المدني الصحابي شهد بدرًا والعقبة وعليه نزل رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ لما قدم المدينة فبقي في داره شهرًا حتى بنيت حجرته ومسجده وكان من نجباء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين‏.‏

وفيها توفيت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلالية تزوجها رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ سنة سبع من الهجرة وروى عنها مولاها عطاء وسليمان ابنا يسار وابن أختها يزيد بن الأصم وابن أختها عبد الله بن عباس وابن أختها عبد الله بن شداد بن الهاد وجماعة أخر وكانت قبل النبي ‏"‏ ص ‏"‏ عند أبي رهم بن عبد العزى العامري فتأثمت منه فخطبها رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ فجعلت أمرها إلى العباس فزوجها منه وبنى بها بسرف بطريق مكة لما رجع من عمرة القضاء وهي أخت لبابة الكبرى زوجة العباس ولبابة الصغرى آم خالد بن الوليد وأخت أسماء بنت عميس لأمها وأخت زينب بنت خزيمة أيضًا لأمها‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاثة أفرع وخمسة أصابع مبلغ الزيادة تسعة عشر ذراعًا وثلاثة وعشرون إصبعًا وفي درر التيجان‏:‏ وستة وعشرون إصبعًا‏.‏

السنة الخامسة من ولاية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة اثنتين وخمسين‏:‏ فيها شتى بسر بن أبي أرطاة بأرض الروم وهو بضم الموحدة وسكون السين المهملة‏.‏

وفيها حج بالناس سعيد بن العاص‏.‏

وفيها توفي أبو أيوب الأنصاري واسمه خالد بن زيد في قول ابن الأثير‏.‏

كان من نجباء الصحابة‏.‏

شهد العقبة وبدرًا وأحدًا وقد تقدم ذكره ووفاته في سنة تسع وأربعين‏.‏

وفيها توفي كعب بن غجرة وله خمس وسبعون سنة‏.‏

وفيها صالح عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي رتبيل على كابل وبلاده على ألف ألف درهم‏.‏

وفيها ولد يزيد بن أبي حبيب فقيه أهل مصر‏.‏

وفيها توفي عمران بن الحصين بن عبيد بن خلف أبو نجيد بضم النون مصغرًا الخزاعي صاحب رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ ولي قضاء البصرة كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعثه إليهم ليفقههم‏.‏

وفيها توفي معاوية بن حديج التجيبي الكندي وقد تقدم من أخباره نبذ كثيرة فيما تقدم‏.‏

وهو من كبار العثمانية وممن كان بخربتا وحارب جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقتل محمد بن أبي بكر الصديق وكان من أنياب العرب وكبارها‏.‏

وفيها خرج زياد بن خراش العجلي في ثلاثمائة فارس فأتى أرض مسكن من السواد فسير إليه زياد خيلًا عليها سعد بن حذيفة أوغيره فقتلوهم وقد صاروا إلى ماه‏.‏

وخرج أيضًا على زياد رجل من طيىء يقال له معاذ فأتى نهر عبد الرحمن بن أم الحكم في ثلاثين رجلًا فبعث إليه من قتله وقتل أصحابه وقيل بل حل لواءه واستأمن ويقال لهم‏:‏ أصحاب نهر عبد الرحمن‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ذراعان وثلاثة عشر إصبعًا مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وعشرون إصبعًا‏.‏

السنة السادسة من ولاية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة ثلاث وخمسين‏:‏ فيها أستعمل معاوية على الكوفة الضحاك بن قيس الفهري بعد موت زياد ابن أبيه واستعمل على البصرة سمرة بن جندب وعزل عبيد الله بن أبي بكرة عن سجستان وولاها لعباد بن زياد ابن أبيه فغزا عباد المذكور قندهار حتى بلغ بيت الذهب فجمع له الهند جمعًا هائلًا فقاتلهم عباد حتى هزمهم‏.‏

ولم يزل على إمرة سجستان حتى توفي معاوية بن أبي سفيان‏.‏

وفيها توفي عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق في نومة نامها واسم أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان التيمي القرشي الصحابي مات بمكة وكان شجاعًا راميًا أسلم قبل الفتح‏.‏

وفيها توفي عمرو بن حزم الخزرجي الصحابي استعمله النبي ‏"‏ ص ‏"‏ على نجران وكان من نجباء الصحابة‏.‏

وفيها شتى عبد الرحمن بن أم الحكم بأرض الروم‏.‏

وفيها قتل عابد بن ثعلبة البلوي أحد الصحابة‏.‏

قتله الروم بالبرلس‏.‏

وفيها فتحت رودس جزيرة في البحر فتحها جنادة بن أبي أمية الأزدي ونزلها المسلمون وهم على حذر من الروم وكانوا أشد شيء على الروم يعترضونهم في البحر ويأخذون سفنهم وكان معاوية يدر لهم العطاء وكان العدو قد خافهم فلما مات معاوية أقفلهم ابنه يزيد‏.‏

وفيها توفي زياد ابن أبيه وكان ولي الكوفة والبصرة والعراق لمعاوية وكان من دهاته وقال مسكين الداري يرثيه بقوله‏:‏ الوافر رأيت زيادة الإسلام ولت جهارًا حين ودعنا زياد أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع وسبعة عشر إصبعًا مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وأربعة أصابع‏.‏

السنة السابعة من ولاية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة أربع وخمسين‏:‏ فيها عزل معاوية سعيد بن العاص عن إمرة المدينة وولاها لمروان بن الحكم ثانية وفيها غزا عبيد الله بن زياد خراسان وقطع النهر وعدى إلى بخارا على الإبل فكان وفيها وجه الضحاك بن قيس من الكوفة ابن هبيرة الشيباني إلى غزو طبرستان فصالحه أهلها على خمسمائة ألف درهم‏.‏

وفيها عزل معاوية سمرة بن جندب عن البصرة وولاها لعبد الله بن عمرو بن غيلان الثقفي‏.‏

وفيها حج بالناس مروان بن الحكم أمير المدينة وقال ابن الأثير‏:‏ سعيد بن العاص وكان عامل المدينة‏.‏

وفيها توفي أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي حب رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ وابن حبه ومولاه كنيته أبو زيد وقيل أبو محمد وقيل أبو حارثة‏.‏

ففي الصحيح عن أسامة قال‏:‏ كان النبي ‏"‏ ص ‏"‏ يأخذني والحسين ويقول‏:‏ اللهم إني أحبهما فأحبهما‏.‏

وأمة أم أيمن بركة حاضنة رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ ومولاته وكان أسود كالليل وأبوه أبيض أشقر قاله إبراهيم بن سعد‏.‏

وفيها توفي ثوبان مولى رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏‏.‏

وفيها توفي جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل النوفلي الصحابي أسلم بعد بدر وحضر عدة مشاهد مع النبي ‏"‏ ص ‏"‏‏.‏

وفيها توفي حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام النجاري الصحابي شاعر رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ المؤيد بروح القدس‏.‏

وعاش هو وأبوه وجده وجد أبيه كل واحد مائة وعشرين سنة‏.‏

وفيها توفي سعيد بن يربوع المخزومي الصحابي عن مائة وعشرين سنة أيضًا أسلم في الفتح‏.‏

وفيها توفي حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد أبو خالد الأسدي الصحابي ابن أخي خديجة زوجة النبي ‏"‏ ص ‏"‏ أسلم في الفتح وكان سيدًا شريفًا ولد في جوف الكعبة وأعتق في الجاهلية والإسلام مائتي رقبة وجاوز مائة السنة من العمر‏.‏

وفيها توفي أبو قتادة الأنصاري السلمي فارس رسول الله ‏"‏ ص ‏"‏ وأسمه الحارث بن ربعي‏.‏

وكان من نجباء الصحابة رضي الله عنهم‏.‏

وفيها توفي مخرمة بن نوفل الزهري الصحابي عن مائة وخمس عشرة سنة وكان من المؤلفة قلوبهم والمسور هو ابنه‏.‏

وفيها مات فيروز الديلمي وكانت له صحبة‏.‏

وكان مع معاوية وأستعمله على صنعاء‏.‏

وفيها مات فضالة بن عبيد الأنصاري بدمشق وكان قاضيها وقيل في موته غير ذلك شهد أحدًا وما بعدها‏.‏

وخرجت هذه السنة وعلى الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد وعلى البصرة سمرة وعلى خراسان خليد بن يربوع الحنفي وأسيد بفتح الهمزة وكسر السين المهملة وسكون الياء المعجمة باثنتين من تحت‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربعة أذرع وثلاثة عشر إصبعًا مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وثمانية أصابع‏.‏

بن مخلد على مصر وهي سنة خمس وخمسين‏:‏ فيها عزل معاوية عن البصرة عبد الله الثقفي وولاها لعبيد الله بن زياد‏.‏

وفيها حج بالناس مروان بن الحكم أمير المدينة‏.‏

وفيها عزل معاوية عبد الله بن خالد عن الكوفة وولاها الضحاك بن قيس‏.‏

وفيها توفي أبو اليسر بفتح الياء المثناة من تحت والسين السلمي بفتحتين أيضًا واسمه كعب بن عمرو وهو من أعيان الصحابة الأنصار وهو الذي أسر العباس يوم بدر وشهد العقبة مع النبي ‏"‏ ص ‏"‏ وله عشرون سنة‏.‏

وفيها توفي سعد بن أبي وقاص وأسمه مالك بن أهيب بن عبد مناف ابن زهرة بن كلاب بن مرة كنيته أبو إسحاق الزهري أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد السابقين الأولين وكان يقال له‏:‏ فارس الإسلام وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله وكأن مقدم الجيوش في فتح العراق وكان مجاب الدعوة كثير المناقب وشهد بدرًا‏.‏

وروى عثمان بن عبد الرحمن عن الزهري قال‏:‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فيها سعد بن أبي وقاص إلى رابغ وهي من - جانب الجحفة فانكفأ المشركون على المسلمين فحماهم سعد يومئذ بسهامه وهو ألا هل آتى رسول الله أني حميت صحابتي بصدور نبلي فما يعتد رامٍ في عدو بسهمٍ يا رسول الله قبلي وفيها توفي الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي وهو الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يختفي في داره بمكة وكان عمره ثمانين سنة وزيادة وقيل مات يوم مات أبو بكر الصديق رضي الله عنه‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ستة أذرع وإصبعان مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وستة أصابع‏.‏

السنة التاسعة من ولاية مسلمة بن مخلد على مصر وهي سنة ست وخمسين‏:‏ فيها عزل معاوية عبيد الله بن زياد عن خراسان وولى عليها سعيد بن عثمان بن عفان فغزا سعيد سمرقند ومعه المهلب بن أبي صفرة الأزدي وطلحة الطلحات وأوس بن ثعلبة وخرج إليه الضغد‏.‏

فقاتلوه فألجأهم إلى مدينتهم فصالحوه وأعطوه رهائن‏.‏

وفيها شتى المسلمون بأرض الروم‏.‏

وفيها توفيت أم المؤمنين جويرية المصطلقية وقيل‏:‏ إنها ماتت في سنة خمسين وهي جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقي سباها النبي صلى الله عليه وسلم يوم المريسيع في السنة الخامسة وكان اسمها برة فغير النبي صلى الله عليه وسلم اسمها وتزوجها وجعل صداقها عتق جماعة من قومها ثم قدم أبوها الحارث بن أبي ضرار على النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وعن جويرية قالت‏:‏ تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بنت عشرين سنة وكانت قبل النبى صلى الله عليه وسلم عند ابن عمها صفوان في الشفر‏.‏

وفيها غزا يزيد بن شجرة في البحر وفي البر عياض بن الحارث‏.‏

وفيها اعتمر معاوية في رجب‏.‏

وحج بالناس الوليد بن عتبة بن أبي سفيان‏.‏

وفيها كانت البيعة ليزيد بن معاوية بولاية العهد‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن قرط الأزدي الصحابي أمير حمص‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم سبعة أذرع وسبعة أصابع مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وإصبعان‏.‏

السنة العاشرة من ولاية مسلمة وهي سنة سبع وخمسين‏:‏ فيها وجه معاوية حسان بن النعمان الغساني إلى إفريقية فصالحوه من يليه من البربر وضرب عليهم الخراج وبقي عليها حتى توفي معاوية وتخلف ابنه يزيد‏.‏

وفيها عزل معاوية الضحاك عن الكوفة وولاها عبد الرحمن بن أم الحكم‏.‏

وفيها عزل معاوية مروان بن الحكم عن المدينة وأمر عليها الوليد بن عتبة بن أبي سفيان‏.‏

وفيها عزل معاوية سعيد بن عثمان عن خراسان وأعاد عليها عبيد الله بن زياد‏.‏

وفيها شتى عبد الله بن قيس بأرض الروم‏.‏

وفيها توفي السائب بن أبي وداعة السهمي الصحابي وكان أسر يوم بدر وأسلم بعد ذلك‏.‏

وفيها توفي عثمان بن طلحة بن شيبة العبدري وقيل في سنة تسع وخمسين‏.‏

وهو جد بني شيبة حجبة الكعبة وأسلم يوم الفتح وقيل يوم حنين‏.‏

وفيها غزا مالك بن عبد الله الخثعمي أرض الروم وعمرو بن يزيد الجهني في البحر وقيل جنادة بن أبي أمية‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع واثنا عشر إصبعًا مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وخمسة عشر إصبعًا‏.‏